عندما ضرب العالم فايروس كرونا المستجد مطلع العام 2020 وبدأ بالصين لم يكن احد يتخيل ان هذا الوباء/المرض الفتاك سينتشر حول العالم بهذه السرعة....بل ويحدث تأثيرات وتفاعلات بليغة جدا فى الحياة العامة للبشر حول الكوكب. بمبادرة من منظمة الصحة العالمية التى اطلقت نداءات للدول بتوخى الحذر واخذ الاحتياطات اللازمة، غير ان ذلك لم يجدى فتيلا ولم يحد من انتشار المرض وفتكه بالارواح. ما دفع منظمة الصحة العالمية ان تطلب من الدول والشعوب اتخاذ اجراءات اكثر صرامة ما عرف لاحقا بالاغلاق التام لحركة البشر ونشاطهم الاجتماعى والاقتصادى والثقافى..والخ. وطلب من الجميع البقاء فى منازلهم.
فى السودان اعلنت الحكومة الاغلاق التام وقفل المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية ودور العبادة وذهب الجميع فى اجازات للبقاء فى المنازل منذ مارس وحتى اليوم الذى اكتب فيه هذه المدونة فى يونيو 2020 ما زال الاغلاق مستمرا....ونحن فى البيوت والمنازل لا نمارس اية انشطة خارجية ولا زيارات ولا غيره الا فى محيط الدكان والبقالة او السوق المجاور لاقتناء بعض ضروريات الحياة.
تزامن ذلك فى السودان مع ازمات اقتصادية كانت تضرب البلاد فى اعقاب التغيير السياسي الذى اطاح بحكومة البشير فى ابريل 2020. ما زاد من معاناة السودانيين الذين يبحثون عن الارزاق فى ظل الاغلاق الذى تضرر منه الفئات فى القطاع الخاص مخدمين ومستخدمين، وكذلك الباعة والحرفيين واصحاب المطاعم والعمال باليومية ....الخ. كان التأثر الاكبر على هذه القطاعات، وبالطبع بدرجة اقل الموظفون الحكوميون الذين ظلوا يتقاضون مرتباتهم رغم الاغلاق.
مر شهر رمضان الكريم فى ظل الاغلاق، ولاول مرة افطار رمضان يكون بالمنازل وكذلك صلاة التراويح، ثم صلاة العيد صليناها فى المنازل مع الاسرة الكريمة. ليس هناك بالطبع زيارات او معايدات لا للاهل ولا للجيران.
ظللت انا رهن هذه الاغلاق على مدى الاربعة اشهر الماضية، عزائى فى الاتصال التلفونى والللابتوب ومكتبتى المتواضعة، وكذلك اسرتى الصغيرة اصلى معهم واطعم معهم وأسامرهم...والحال بفضل الله تعالى كان مستورا. احيانا لا استطيع استلام مرتبى خاصة فى الايام الاولى للاغلاق، لانى يتم تحرير شيك لى بالمبلغ، والشيك على بنك فى الخرطوم لا استطيع ان اصله لان الكبرى مغلق، استدنت بعض المبالغ، غير ان الدعامة الاساسية كانت من ربة المنزل زوجتى التى كانت تسير المنزل من مواردها الخاصة.
لم استطع ان ادفع فاتورة التلفون منذ ثلاثة اشهر غير ان شركة الاتصالات كانت تواصل خدمتها مراعاة لظروف الاغلاق. وكانت هذه الخدمة هى منفذى الوحيدة للتفاعل مع العالم عبر الانترنت. كان هناك متسع من الوقت للقراءة والكتابة ( تكملة كتاب الهجرة فى المشروع البحثى مع اليونسكو) وتسجيل عدد من الفيديوهات ونشرها عبر الفيسبوك، المواصلة فى تعلم الفرنسية عبر برنامج دولنقو،
ظللت امارس رياضة خفيفة المشى فى حدود ثلاثة او اربعة كيلو يوميا بعد صلاة الفجر....كما فى الصورة التى التقطتها بعد عودتى من هذه الرياضة الخفيفة التى أمر فيها على مناطق بين الاحياء استنشق فيها هواء عليلا فى الصباحات الباكرة.