فتح الله علينا كأسرة صغيرة بفرصة ذهبية و نادرة لاداء عمرة فى العام 2019، اصطحبت فيها شقيقتى منى وابنائى وبناتى ووالدتهم، وقد كانت رحلة مميزة بالبصات من امدرمان التى تحركنا منها حوالى الساعة الرابعة صباحا الى بورتسودان التى وصلناها حوالى الخامسة مساء من نفس اليوم. والتقينا فى نفس البص خالتنا الرضية محمد وشقيقتها عزيزة محمد، وقد نزلن فى محطة سواكن، وواصلنا نحن الى بورتسودان، لان الباخرة موعدها من الغد. وقد قررت بناء على نصيحة من خبير الا اقضى الليلة فى سواكن التى تفتقر الى الخدمات ، لاسيما وأنا اصطحب اسرتى.
عند وصولنا بورتسودان كنت قد حجزت شقة، وعندما وصلناها وجدناها غير مناسبة، فتوجهنا الى فندق عادى، استأجرنا غرفتين، وقضينا الليلة. واسترجعت ذكرياتى القديمة فى المدينة، وفى الصباح توجهنا الى الشاطى واستمتعنا كما سيظهر فى الصور.
انتقلنا الى سواكن صبيحة حجز الباخرة، وصلناها العاشرة صباحا بينما الاقلاع الخامسة مساء، كان لابد من قضاء كل هذه الساعات فى فندق استأجرنا فيه ايضا غرفتين بدون كهرباء، فى مكان عام جدا. وسواكن فعلا تفتقر الى الخدمات العادية ناهيك من السياحية التى تتناسب مع الحجاج.
عند حلول وقت السفر استقلينا تاكسى ومعه عربة بوكس للعفش الى المرفأ حتى تقف السفينة، وركوب السفينة من أصعب الاختبارت خاصة لصاحب أسرة مثلى عليه تدبير نفسه والاشراف على من معه.
قضينا الليل كله فى السفينة التقينا مرة أخرى خالتنا الرضية وعزيزة، وأصاب الجميع دوار البحر، وسط تعالى ضحكات نساء الواتى كن معنا وكن يضحكن من تمايل الداخلين والخارجين من الركاب نتيجة تمايل السفينة فى عرض البحر.
وصلنا ميناء جدة حوالى التاسعة صباحا وجدنا محمد موسى فى انتظارنا، غادرتنا الرضية وعزيزة وكن متجهات الى المدينة. واصطحبنا محمد موسى بحافلة الى مكة حيث شقته التى خصصها لنا طيلة فترة وجودنا فى مكة والتى استمرت حوالى اسبوع او يزيد.
الاحرام كان فى منتصف الطريق الى مكة فى محطة مجهزة بكل مستلزمات الاحرام. بعد ان استقرينا فى الشقة توجهنا الى البيت الحرام لاداء مناسك العمرة حتى المساء، وبعدها قفلنا راجعين الى الشقة فى حى جوار بقالة مشهورة.
مكة البلد الحرام
كنا مستقرين فى شقة محمد موسى والذى اكرمنا فائق الاكرام....كنا نؤدى العمرة مرات ومرات على الرغم من أن الاحرام يحتاج الى مشوار الى حيث مسجد السيدة عائشة لعقد الاحرام ثم التوجه به الى البيت الحرام.
البيت الحرام والكعبة المشرفة ما ابهاها واشرفها من بيت لله وضع للناس فى الارض. كنا نتخذ باب السلام لنا معلما نرتاح فيه، حتى اذا افترقنا يكون ملتقانا. تشرفنا بصلاة جمعة فى الحرم المكى، كانت لنا ترياق
فى حى الرصيفة بمكة
هناك مسجد مجاور وجدت فيه مكانا صاحا لاداء جميع الصلوات....فى يوم اصطحبت معى ماجدة فى صلاة الفجر...على الرغم من ان هناك مكانا مخصصا للنساء الا انه يبدو ان لا ترتاده نساء الحى...فظللنا فى انتظار من يفتح باب مصلى النساء الى ان رأنا أحد المصلين ففتح لها الباب فدخلت.
جوار الشقة هناك "مول الراية" كبير جدا نشترى منه احتياجاتنا اليومية. قضينا اسبوع او يزيد فى مكة وبعدها قررنا الذهاب الى المدينة...فستأجرنا عربة حملت كل العفش، وعلى طول المسافة الا ان الرحلة كانت ممتعة والجو جميل والطريق مجهز بمصليات وكافتيريات وكله.
المدينة المنورة
وصلنا المدينة عصرا وتوجهنا الى فندق ليس بعيدا عن الحرم المدنى، حيث استأجرنا غرفتين، واستطعت ان أحدد مكان المسجد النبوى بالقبة الخضراء التى تظهر للرائى من عدة جوانب، وكانت أول صلاة هى صلاة المغرب. من ملاحظاتنا ان المدينة المنورة بها زوار من قارة آسيا باعداد كبيرة، حيث نلاحظهم يسلكون طريقا محددة للمسجد حتى اتخذناهم ادلة لنا الى المسجد النبوى. والمسجد النبوى بجلاله وجماله تحفة رائعة من المعمار والمحتوى الروحى.
داخل حافلة مستأجرة من مكة الى المدينةمنى وجهاد داخل السفينة عبر البحر الاحمر
شخصى ماجدة ومنى أمام مبنى
كنت عندما اسمع الاذان استشعر وجود رسو ل الله صلى الله عليه وسلم لاسيما ونحن بجوار قبره. الروضة الشريفة ما اصعب الوصول اليها. بالطبع نفترق مع اسرتى حيث مصلى الرجال يختلف عن مصلى النساء، كنا نتواعد عند البوابة "13أ" حتى صارت معلما لنا.
كنت احرص على اداء الصلوات جميعا فى الحرم المدنى، الى ان التقينا الابن ياسر اسحق الذى حملنا الى منزل شهود شيخ الدين فى يوم من الايام حيث قضينا معها نهارية مميزة. واتصل بنا عدد من المغتربين الموجودين فى السعودية. والتقيت زميلى محمد احمد حامد ويبدو انه مقيم فى المدينة من عدة سنوات.
المدينة المنورة مشهورة ببلحها وتمورها واسواقها واهلها الطيبون الاقرب الى البدو، والجالية الاسيوية اضحت ايضا من معالم المدينة نزلت من الفندق ونحن فى الطابق الارضى الى الحلاق ولاول مرة احلق عند الهندى حلاقة نمرة zero.
ا فى الحرم المدنى غالبا حيث نلتقى فى 13أتمر الايام بسرعة، بعد صلاة الفجر يتجمع الناس وأغلبهم الاسيويين يستقبلون القبة الخضراء وهو جلوس نساء ورجال فى الساحات امام المسجد ينظرون الى القبة وكأنهم ينظرون الى المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذلك بعد صلاة المغرب يتواجد الناس الى صلاة العشاء وبين الصلاتين ابحث عن كوب شاى أسفل البنايات الشاهقة حول الحرم النبوى.
وتصر البنات ووالدتهم التسوق فى المتاجر التى فى طريق المسجد واكثرهم من اليمن. وماجدة تشترى عطور جافة من اليمانى الذى لا يقبل ان تفتح من غلافها وتكتشف لا حقا انها مزيفة. وقالوا ان زيتونة زارهم فى الفندق فى غيبتى، وزيتونة يعرف ابنائى عندما كان ينقلهم الى المدارس عبر الترحيل المدرسى وهم جميعا فى مرحلة الاساس، والان الصغرى منهم فى الجامعة.
وقد حان وقت الرحيل مرة اخرى الى مكة فى طريق العودة
مكة مرة أخرى
استأجرنا عربة لنقلنا الى مكة فى ختام هذه الرحلة المهمة. تحركنا ضحى ووصلنا مكة عصر اليوم نفسه، متجهين الى شقة محمد موسى فى حى الرصيفة بمكة. وكررنا العمرة، وبحثت عن صيدليات يمكن ان نشترى عقاقير جهاد لمسافات طويلة على الارجل كما أحب دائما. وتعرفنا على الدرزى من أصدقاء محمد موسى ومن الاهل وهو مقيم بأسرته بمكة منذ سنوات.
ملاحظتى ان مكة كمدينة او السعودية عموما ضربتها موجه من الغلاء طاحنة يشتكى منها المواطنون والمقيمون،وبالطبع ذلك مبرر فى بلد يشارك فى عدد من الحروب فى نفس لوقت؛ الحرب فى اليمن، والحرب فى سوريا، ومواجهة مع قطر. والبلاد تعيش فى أوج عهد ولى العهد محمد بن سلمان الحاكم بأمره الفعلى الذى يتعرض لاتهام دولى مباشر بإغتيال الصحفى جمال خاشوقجى.
كنا فى هذه المرة نعد انفسنا للعودة الى جدة حيث الباخرة، فكنا مشغولين بحزم الامتعة وإعادة حزمها لكى تناسب السفر عبر الباخرة، واشياء حساسة كالشاشات واجهزة كمبيوتر وما اليه. وعمر يزور اصحابه فى جدة القريبة من مكة وكذلك محمد فائز. وتوفقنا عصر يوم السفر الى جدة حيث الباخرة. وميناء جدة معقد وشحن العفش بمبالغ عشوائية واجراءات الباخرة مطولة، وأخيرا ركبنا باخرة العودة.
بورتسودان مرة أخرى
نزلنا صباحا فى سواكن ولم نستلم العفش بعد وتوجهنا مباشرة الى بورتسودان، وبحثنا عن فندق او شقة لفترة طويلة، الى ان اسعفنا والد زميلة لعمر فائز، حجز لنا شقة مفروشة فى الطابق الثانى فى عمارة فى ديم مدينة افتكر، وملاحظتى ان بورتسودان تحولت الى مدينة من الشقق للايجار ويقولون هذا بفعل المواسم السياحية التى ابتدائها الوالى الاسبق الطاهر إيلا. وتعرفت على مكان المسجد على بعد مسافة معقولة.
وانتظرنا يوما ثم ذهبت مع عمر فائز الى سواكن لاستلام العفش لا سيما وفيه شاشات وكمبيوترات حساسة، وتمكنا بعد مشقة شديدة استلام العفش واستقلينا مواصلات سواكن بورتسودان.
أكرمنا والد زميلة عمر إيما اكرام، توالت علينا وجبات فى الشقة المفروشة، ونظم لنا رحلة الى الكيلو آثرنا ترك الاولاد والبنات ولم نذهب أنا وماجدة وبقينا فى الشقة لحين حضورهم، على الرغم من الحاح والدة زميلة عمر علينا الذهاب، لكن كان داعى البقاء أكبر.
صورة من الداخل لمدرسة البحر الاحمر الثانويةمسرح المدرسة الذى كانت تنعقد فيه اسبوعيا الاجتماع الذى كان يسميه عمر ماث الاسمبلى Assembly
فى بورتسودان وانا استرجع الذكريات سجلت زيارة لمدرسة البحر الاحمرالثانوية التى اصبحت مجمع مدارس، وكذلك لديم الشاطى من على البعد، وصادف وجودنا ببوتسودان أزمة سيولة حادة تمكنت من سحب بعض المبالغ من حسابى بالبنك السودانى الفرنسى فرع بورتسودان. طوال الرحلة كنا على اتصال بسامية والاسرة الكبيرة بامدرمان وارسال الصور لحظة بلحظة. الى ان عملت لينا سامية البوم فى قوقل فوتو دوت كوم.
قضينا ايام جميلة فى بورتسودان كسكان فى حى العظمة، كنت مولعا بالمشى على الاقدام، نادرا ما اركب مواصلات فى هذه المدينة الاثيرة الى النفس، والتى استرجع فيها ذكريات قديمة منذ عقود.
وأذنت ساعة الرحيل الى الديار، عبر البصات الى امدرمان حيث تحركنا بعد صلاة الفجر، ووصلنا امدرمان فى حدود الخامسة مساء، ومعنا كمية من العفش يتضمن ماء زمزم، استقلت منى عربة الى امبدة وانتظرنا ناقلة صغيرة الى ابى سعد.