السبت، 17 سبتمبر 2016




قصة رحلتين فى اسبوعين


مايو- يونيو 2016

منذ بداية مايو اتضح ان هناك ثلاث رحلات ينبغى ان اخطط لها: اولا هناك الدعوة من جامعة بتىقورسك من روسيا من 29مايو حتى 4 يونيو ثم الدعوة من الهلال الاحمر القطرى الى بغداد فى 25 مايو، ثم هناك السفرية المستعجلة الى الامارات لمتابعة علاج جهاد التى ازدادت نوبة الاضطراب. لا يمكن بالطبع الوفاء بكل هذه الرحلات وعليه لابد من إلغاء تلك التى تقبل الالغاء او الاعتذار عنها. فكان ان اعنذرت عن السفر الى العراق وبدأت التخطيط للسفر الى الامارات ومن بعدها الى روسيا خلال النصف الثانى من مايو.


وبدأت الاستعدادات طبعا السفر الى الامارات هو تمويل ذاتى وفق الله تعالى اليه بعد لملمة اطراف وكان لابد من السفر شخصى وجهاد ووالدتها، وكان السفر عن طريق الخطوط الاماراتية بحيث نقضىاسبوع واحد ثم نرجع لنتمكن من الاستعداد للسفر الى روسيا بفاصل يمكن من استخراج تأشيرة سفر عادية تستغرق على الاقل عشرة ايام فى تقدير د.محمد شرف الدين.

الرحلة الى الشارقة


تحركنا من الخرطوم مساء 15 مايو عن طريق الدوحة الى دبى التى وصلناها نهار 16 مايو، قررنا ان نسكن فى الشارقة مراعاة للتكلفة وكنت من الخرطوم على اتصال بمستشفى زليخة فى الشارقة عن طريق خدمة "دكتورنا". ولكنى عندما وصلت لم يكن لدى تلفون لاجاء الاتصال بالطبييب وهو سورى الجنسية. بدأنا رحلة البحث عن السكن المناسب فى الشارقة وكان عندى اسم فندق "طيبة" ولكن ليس لدى عنوان له. استقلينا تاكسى لسائق أفغانى لا يجيد التفاهم بالعربية وبصعوبة أفهمناه اننا ننوى الذهاب الى فندق طيبة بالشارقة. ولم يكن يعرفه ولكنه تظاهر بذلك، ورأيته يستعين بقوقل ولكن دون جدوى، أمضينا نحوا من ساعتين فى البحث والسؤال عن الفندق بدون جدوى، الى ان اقتنع بانه لا يعرفه فقرر ان يستعين بسائق تاكسى آخر من الشارقة كان يعرف الفندق. وصلنا الفندق بعد الثالثة ظهرا. وبدأت السؤال عن المستشفى  فاستعنت بصاحب الفندق الذى اوضح لى ان المستشفى معروف وهو قريب من المنطقة.

حددنا مواعيد الصباح مع الدكتور فى زليخة وهو مستشفى كبير وقابلنا الدكتور وبعد ان شرحنا له تاريخ المرض طالبنا بفحوصات تستغرق يومين، وفعلا أجرينا جميع الفحوصات وبعد يومين جمعنا النتائج وقابلناه بها، فاوصى ببعض الادوية وشرح بانه صاحب تخصص، وان الحظ لعب دورا فى ان نلتقيه، وإلا فان الطب فى الشارقة غير متطور، وانه سورى الجنسية اضطرته ظروف الحرب اللجوء الى الشارقة والعمل بها.

لم يكن لدينا من الوقت ما يكفى لعمل زيارات فى الامارة، فكان ان زرنا إمارة دبى فى عصرية والى مول واحد كنت ابحث عن بعض كتاب اوصانى به د.شرف الدين ولكنى لم أجده فى مول دبى، وهو مول كبير اتضح لنا فيه كيف ان دبى هى مركز تجارى عالمى، فيه كل الجنسيات والثقافات، قفلنا راجعين الى الشارقة التى نعتبرها أقل تأثرا بالثقافات غير العربية والاسلامية، وهذه بالطبع شئ نسبى، ولكن المشترك فيه بين الامارات هو التواجد الكثيف للمجموعات الاسيوية حتى قلت ان الامارات هى مستوطنات لشعوب آسيوية، لاتكاد تلمح وطنيين الا نادرا نساء او رجال من الاماراتيين يتجولون فى الطرقات العامة او الاسواق.

كنت طوال تواجدى فى الشارقة على اتصال بالجامعة الروسية وبدأت اجراءات التاشيرة بالنت وتمكنت من ملء الاستمارة، وكتبت الورقة من بوربوينت الى ويرد وأرسلتها وهكذا. وبسرعة تمكنت من عمل حجز للعودة على الرغم من معارضة جهاد ووالدتها للرجوع المستعجل بعد ان كالوا اللعنات للجامعة الروسية التى هى سبب فى استعجالى للرجوع للخرطوم لابدأ اجراءت السفر الى روسيا. عدنا الى الخرطوم عن طريق البحرين.



الرحلة الى روسيا

بعد عودتى الخرطوم وجدت د.شرف الدين على اتصال بالسفارة ورتبنا بعد ذلك لاستخراج التأشيرة ولكن بعد غرامة مالية اضحت معها التأشيرة بضعف المبلغ نسبة للتأخر فى طلبها عن الموعد. على كل أكملنا كل المطلوب وحجزنا للسفر الساعات الاولى من 29 مايو 2016. الحجز من الخرطوم الى الدوحة الى موسكو ثم منها الى بيتى قورسك وليس بين هذه الطائرات كثير زمن والخطوط هى الخطوط القطرية.


تأخرت الطائرة فى الاقلاع من الخرطوم عشرة دقائق او أقل، وعندما وصلنا الدوحة وجدنا الطائرة التى ينبغى ان تقلنا الى موسكو قد أقلعت قبل عشرة دقائق، وكنا ا بعة سودانيين. مباشرة اتصلنا بالخطوط القطرية التى اعترفت بان الكونسنكشن ينبغى ان يكون فى الحد الادنى 45 دقيقة، والحال ان فى هذه الحالة فهو أقل من ذلك بكثير، اضطرت الخطوط لعمل حجز بديل ولكن بعد أكثر من ست ساعات، ما يعنى اننا سنفقد ايضا الحجز من موسكو الى بيت قورسك.


استضافتنا الخطوط القطرية فى صالة خاصة Lounge لقضاء الفترة، وهى صالة فندقية بها كل الخدمات من صحف واتصالات وتلفاز وكذلك وجبات ومشروبات. استفدنا من ذلك واجرى د.شرف الدين رفيقى فى الرحلة اتصالا الكترونيا بادارة المؤتمر وابلغها باننا سنفقد الحجز الى بيتى قورسك وفق التأخير فى الدوحة، فقاموا بدورهم بفعالية بعمل حجز جديد من مطار آخر داخل موسكو. أقلعت الطائرة القطرية الى موسكو بعد الثانية ظهرا من الدوحة. وكانت رحلة بها الكثير من المطبات الهوائية لا سيما و نحن فى مؤخرة الطائرة. التى تعبر ايران وتدخل الاراضى الروسية. وصلنا موسكو مع غروب شمسها. ومكثنا فى مطارها لفترة نسبة لاجراءات مطولة، ولولا معرفة د.شرف الدين للغة الروسية لمكثنا اكثر من ذلك. لاننا أخذنا الى مكان كأنه مخفر داخل المطار تنتظر فيه مع أجانب آخرين...لا حظنا قصر قامة النساء الروسيات وهو قصر لافت وطبعا كما هو الحال فى معظم بلاد الدنيا النساء هن العنصر الطاغى فى الخدمة.

خرجنا من المطار فى معية شخص من السفارة حيث كنا فى انتظار القنصل وهو زميل لشرف الدين، القنصل سامى أوصلنا الى المطار الآخر حيث الحجز الجديد الى مكان المؤتمر. القنصل أمضى معنا وقت طويل حتى الثانية عشرة منتصف الليل فى المطار حيث فارقنا. ومن بعدها سافرنا بعد منتصف الليل الى بيتى قورسك حيث وصلناها الثانية صباحا وكان فى استقبالنا فى المطار اساتذة كبار من الجامعة الروسية ورئيس قسم اللغة. وكان بيننا وبين الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ساعات، فأمضيناها فى الغرف ثم خفينا الى قاعة المؤتمر الذى ينعقد بالجامعة بالقرب من الفندق سيرا على الاقدام.


فى الجلسة الاولى وليس هناك جلسة اففتاحية مباشرة مدير الجامع افتتح المؤتمر وتمت المخاطبات وممثل الرئيس بوتن ثم المتداخلين من مقدمى الاوراق مباشرة تم تقديم 34 ملخص ورقة فى اليوم الاول. وكانت ورقتى ود.شرف الدين فى اليوم الثانى. خلصنا اليوم الاول وقدمنا الاوراق فى اليوم الثانى، وكان هناك لقاء مع مدير الجامعة ومساعدية بخصوص مذكرة التفاهم مع جامعة بحرى. وفى اليوم الثالث ذهبنا الى رحلة فى الجبال الروسية والى المرصد الروسى، وكان يوما حافلا كاملا تسير العربة فى جمهوريات مسلمة يظهر ذلك فى منظر المساجد على طول الطريق.

كان المؤتمر فرصة للتعرف على زملاء مسلمين من جامعات روسية من المسلمين ومن جامعات فرنسية وامريكية

 أعضاء المؤتمر من مسلمى روسيا
قمم جبال في جنوب روسيا
مدينة بيتى قورسك مكان انعقاد المؤتمر

الخال عبد الرؤوف محمد عثمان

عبد الرؤوف الخال الأكبر غير انه يصغرنى سنا وكذلك سائر أخوالى هم أصغر منى سنا. درس مراحله الأولى بمدرسة قلى - القرية المعروفة التي تقع شمال مدينة كوستى على الضفة الغربية للنيل الأبيض في مقابل بلدة الشوال. ثم المرحلة المتوسطة في قلى الثانوية العامة وانتقل بعد ذلك الى المدرسة الثانوية الفنية في مدينة كوستى التي درس فيها المرحلة الثانوية. وفى مرحلة باكرة من عمره بدأ حياته العملية بامدرمان حيث التحق بشركة البقعة التي تعمل في المقاولات الهندسية لعدة سنوات ثم هاجر من بعد ذلك الى ليبيا ثم السعودية حيث مكث فيها سنين عددا حيث عاد منها قبل سنتين او ثلاث من وفاته التي حدثت أوائل سبتمبر 2016.

كان الخال عصاميا لابعد الدرجات وقد نظر بعد وفاة والده - الجد محمد عثمان - الى والدته الحاجة زهرة صالح وهى تنوء بحمل تربية الأبناء والبنات في تلك القرية النائية لوحدها فقرر ان يساعدها في عملية التربية وهو الفضل الذى لا زال اخوانه وأخواته يحفظونه له، بانهم أسهم بالقدر الأكبر في تربيتهم صغارا، على قدم المساواة مع والدته الحاجة زهرة صالح.

كان الجد محمد عثمان الذى عمل في قرية قلى لسنوات عديدة بعد ان انتقل اليها من الجزيرة أبا، كان يحرص على ان يصطحب عبد الروؤف معه في زياراته المتكررة الى الجزيرة أبا هو بعد طفل صغير. ولذلك عندما نشأ وكبر في العمر وجد نفسه معروفا لدى معظم الاهل بالجزيرة أبا. وكان هو يعرفهم أيضا او على الأقل كانوا مألوفون لديه حيث كان طفلا صغيرا.

غنى عن القول انه كان عمدة الاسرة وعائلها الأول مع والدته حيث كان أخوته صغارا في مراحل دراسية باكرة. وقد تزوج وهو خارج السودان من قلى واصطحب زوجته معه. غير ان مرض السكرى داهمه هناك، غير انه لم يلتفت اليه كثيرا، حيث كان مهموما بالاسرة داخل السودان، ولا شك انه كان يتابع تقدم الأطفال وهو يشبون عن الطوق. فقرر ان تنتقل الاسرة من كوستى الى قلى وقد كان بعد ان هيأ لها منزلا بمربع 28 بمدينة كوستى. وقد كان له ذلك.

ولا شك انه سعد بان كبر اخوانه وأخواته وتزوج منهم من تزوج وهاجر منهم الى الخارج من سافر، واضطر مؤخرا بان يرجع الى السودان بعد ان اشتدت عليه وطأة المرض السكرى الذى أصاب معظم أفراد الاسرة الكبيرة. وتوفى مغفرا له إثر معاناة امتدت على طول السنوات الثلاث الأخيرة، بالمستشفى بامدرمان. وقبر بمقابر أحمد شرفى حيث مرقد معظم الاهل من الجزيرة أبا والنيل الأبيض.

اللهم ارحمه واغفر له.