الخميس، 15 أغسطس 2019




عشيرة "دوا" من بطون قبيلة
الزغاوة – شمال دارفور
د.فائز عمر محمد جامع
مارس 4102
2
عشيرة دوا من " بطون الزغاوة"
الخلفية والاهداف
سألنى بعض الابناء الاقارب والاهل ان ارسل اليهم شجرة نسب الاسرة الكبيرة والممتدة، وقد يصعب على
ان استجيب الى كل طلب على حده، ولذلك آثرت ان اسطر ماوفقنى الله اليه فى هذا الفضاء المفتوح ليستفيد
منه السائلون وغيرهم، فى هذا الجيل او الذى يليه. ولكن المعروف ان شجرة الانساب هى مدونات تاريخية
تحتاج الى تحديث مستمر لانها تتعامل مع اجيال متعاقبة وهذا التعاقب مستمر، وعليه ألفت النظر الى
الهجرة الاولى
ان اسرة بخت هذه تنتمى الى قبيلة الزغاوة فرع الدوا، وهى مجموعة رعوية هاجرت من منطقة
( Fayalargo ( والمناطق التى حولها فى دولة تشاد الحالية والتى كانت تسمى من قبل بمملكة وداى، ويذكر
ان الجد الاعلى لهذه العشيرة يدعى )درع( وهو قرعانى الاصل، وكانت هجرته مع بعض افراد من اسرته
بسبب خلافات لا ندرى كنهها، ويقال انه استقر بالمنطقة التى عرفت لاحقا باسم )دوابى( والتى كانت
تسكنها مجموعات اخرى اضطرت لمغادرتها بسبب توافد مجموعات اخرى من دوا من تشاد، وقد انتشر
عشيرة دوا فى المنطقة واسسوا قرى كبيرة مثل "قيدابرو، حاتقرا، وحانا"، علاوة على دوابى وهى بلدة
صغيرة تقع فى الطريق بين منطقتى امبرو وفوراوية . وتوالت الهجرات من بعد ذلك فى مجموعات
مجموعات كبيرة من تشاد الى السودان فى قرون ربما نتعرض لها لاحقا، غير ان الهجرة الاولى هذه تمت
ربما قبل ان تكون هناك دولتى تشاد والسودان بمسمياتهما الحالية. وانما تهاجر هذه المجموعات وفق
مطلوبات نظم المعاش او فضا لبعض النزاعات الاسرية التى عادة ما تنشأ بين أبناء العمومة فى البوادى
لاسباب متفرقة. استقرت هذه العشيرة فى "دارتوير" ثم تحولت تبعيتهم الى "دارقلا".
3
الاجداد الاوائل "دوا"
الجد الاكبر المعروف هو سوكوانى الذى نشأ وترعرع بالضرورة فى تشاد وهو من القرعان ويذكر انه
عاش فى حوالى 0441 ميلادية. وقد انجب سوكوانى عدد من الابناء المعروف منهم "درا" او "درع" الذى
ولد بوادى دومى شمال تشاد وانتقل مع اسرته الى السودان إثر نزاع بينه وبين ابناء عمومته القرعان.
وانجب درع ابنه "بيرسرا" فى الاراضى السودانية الذى بدوره انجب طفلين هما صابر وكوارقير كما فى
الشكل التالى:
ويبدو ان هذه الاسرة تتكاثر وتتزاوج كثيرا ومن ثم يزداد عدد الاسر وكذلك الثروة الحيوانية التى يسعون،
ولذلك اضطر الاخوان الى ان يؤسس كل منهما قرية خاصة به وباسرته المباشرة وعلى ذلك فقد اسس
صابر قرية لوحده هى "قيدابرو"، واما اخوه كوارقير فهو الاخر قد اسس قرية منفصلة هى قرية "فتا".
قرية قيدابرو
هى القرية التى اسسها صابر بيرسرا وقد انجب فيها اربع من الابناء هم على التوالى:
مورقنى : يمكن ان تقرأ Morguni
سكوانى
درع
بيرسرا
صابر
مورقنا
بوتى
نمير
مورقنى
كوارقير
دقيس
داير
قاسى
4
مورقنا : يمكن ان تقرأ Murguna
بوتى : يمكن ات تقرأ Booti
نمير : ويمكن ان تقرأ Nimair
كما هو ظاهر فى الشكل الايضاحى
الابن الرابع نمير انجب الشيخ المشهور أسحق المعروف بتدينه وتقواه دون سائر اقرانه فى قريتهم.
أنجب اسحق ثلاثة ابناء هم:
.1 آدم
.2 هورقى
.3 بخت
هؤلاء الاخوة الثلاثة هم اسلاف معظم الاسر الدواوية التى هاجر أكثرهم الى الجزيرة ابا فى مطلع القرن
العشرين، غير ان اصول هذه الاسر لا تزال متوزعة فى مدن وحواضر دارفور الكبرى، كما هو الحال فى
قبيلة الزغاوة التى اضطرت للهجرة جنوبا من ديارهم نتيجة للظروف المناخية القاسية والتصحر الذى عانت
منه الثروة الحيوانية التى عليها يعيشون.
نمير
اسحق
بخت
هورقى
آدم
5
اسرة اسحق
نستعرض ابناء اسحق الثلاثة )آدم، هورقى، بخت( الذين يشكلون اصول الاسر المهاجرة الى الجزيرة ابا.
ونبدأ بآدم:
اسرة النور حفيد آدم عاش طوال حياته بمنطقى ابى حجار فى النيل الازرق وابناءه هم المرحوم صالح
النور/عائشة النور/شامة النور/عبد الرحمن النور/الهادى النور/حواء النور. الدكتور عبد الرحمن النور
يعيش الان ببريطانيا، وبقية الاسرة ما زال الاحفاد والابناء فى تلك المنطقة. اما اخوان النور صالح وعيسى
لم اتعرف على تفاصيل حياتهم او ابناءهم بعد.
آدم
حسب الله
خميس
عيسى
صالح
النور
6
ثم نستعرض اسرة هورقى ثانى ابناء اسحق:
الابن الاول "بنات" له ابنان:
.0 جالى وله ابن هو زكريا
.4 وعبد الله وله ابن هو ابكر
وابكر متزوج من الحاجة زهرة عبد الله جامع وله من الابناء عبد الرحمن وام سلمة وعزيزة وكمال
واحمد.
الابن الثانى "ياسر" وله من الذرية:
مستورة / عوض الله / نور
هورقى
جاسم
ياسر
بنات
7
الابن الثالث "جاسم" وله ابن هو "عثمان"
عثمان له ابن هو سالم والد المرحوم العمدة آدم سالم المتوفى بادرمان. له وابنة هى " المرحومة حسنية بت
عتمان" قد عاشت الحاجة حسنية بحى أرض الشفاء بالجزيرة ابا. وابنها هو المرحوم بابكر بشر والد محمد
بابكر واخلاص بابكر زوجة احمد ابراهيم سليمان المعروف ب أحمد سبيل. وعدد من الابناء والبنات
يعيشون الان بامدرمان.
هذه هى اسر اثنين من ابناء اسحق أما الابن الثالث بخت وله خمس كما فى الشكل الاتى:
والد العمدة آدم
جاسم
عثمان
سالم
آدم
حسنية
8
:
قرية فتا
وهى القرية التى اسسها "كواقير" ابن بيرسرا وقد انجب فيها ثلاث ابناء هم:
دقيس
بخت
حسين
بندا
جامع
شيخ
دونى
9
داير
قاسى
اسرة اسحق بن نمير
الهجرة الثانية
هاجرت مجموعات متعاقبة وعلى فترات من هذه العشيرة من ديارهم ولاسباب متنوعة اهمها الجفاف
والقحط الذى ضرب ديارهم، ولهذا السبب هاجرت مجموعة الى جنوب دارفور منطقة "كتيلا"، ثم هجرة
مجموعة اخرى الى "دارقلا" وكذلك هاجرت مجموعات لاسباب دينية متعلقة بدعوة عبد الرحمن المهدى
بن المهدى الكبير الى الجزيرة ابا وستأتى لها لاحقا. وهكذا تفرقت عشيرة دوا من ديارهم الاصلية وتفرقوا
فى البلاد ولم يبق منهم سوى نفر قليل اضطروا ايضا الى الهجرة الى منطقة "عقبا" فى منطقة امبرو.
يذكر ان من اشهر شيوخ الدعوة الاسلامية فى عشيرة دوا هو الشيخ "سبيل شيخ بن بخت"، وهو سليل اسرة
متدينة، فجده اسحق كان هو ايضا معروف بتقواه بل دعوته الاخرين لمكارم الاخلاق، والتخلى عن العادات
السلوكيات الغير منضبطة، فى وقت فيه التدين محصور فى اشخاص محددين هم "الفقرا" وهولاء فى
الغالب محترفون لمهنة "الفقرا" التى تعمل فى مجال التداوى بالقران وكتابة المحاية والرقية وما الى ذلك،
ولكنهم غير معنيين كثيرا بالدعوة والاخلاق والسلوك
. اما الشيخ سبيل فيذكر ان والده كان من اوائل الذين بدأوا الدعوة داخل اسرهم ثم خرج بها من بعد ذلك الى
الملوك الشراتى والسلاطين، وعندما توفى والده حمل هو هذا اللواء ودعا الى المبادئ التى دعت لها
المهدية. وتحمس الى تهجير اسرته الى الجزيرة ابا للحاق بابن المهدى، وبدأ فى تحريض الناس بالهجرة
الى حيث بن المهدى، غير ان السلطات الاستعمارية لم تكن راضية عن هذا المسلك، فسرعان ما قبض عليه
وحكم عليه بالسجن فى الفاشر هو والفكى النور جاسر، والفكى هراى ، وآدم جامع، وعندما خرج من
السجن لم يلبث طويلا حتى توفى، بعد ان نجح فى ارسال عدد مقدر من اسر اقربائه الى الجزيرة ابا.

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

نبى الله ابراهيم من العراق



نبى الله إبراهيم من العراق
(1)
                                                                                                                 
الحج هو الركن الخامس من اركان الاسلام وهو عبادة وشعيرة زمانية ومكانية فى نفس الوقت، خلافا لبقية الاركان التى منها ما هو عابر للزمان والمكان مثل الشهادة، ومنها ما هو مرتبط بالزمان دون المكان كصوم رمضان ، ومنها ما هو مرتبط بتوقيت محدد أثناء اليوم الواحد مثل الصلاة، ومنها ما هو مرتبط بقدرة مالية ذات علاقة بحولان الحول كالزكاة. أما الحج فهو فله الخاصية الجوهرية هى ارتباطه بشهر ذى الحجة بيوم العاشر منه فى عرفه بمكة المكرمة على بعد بضعة كيلومترات من الكعبة المشرفة
.
والكعبة قد رفع قواعدها ابراهيم مع ابنه اسماعيل وكلاهما نبى، غير انها كمكان مقدس سابقة لابراهيم عليه السلام، ذلك ان الاخير عندما حمل ابنه وزوجته هاجر الى الوادى الذى لا زرع فيه خاطب ربه قائلا "....ربى إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة ....."، قهو على علم بان المكان هو البيت المحرم، وطبعا القرآن الكريم يذكر ان أول بيت وضع للناس للذى ببكة.
والنبى ابراهيم هو من أهل العراق الحالى نشأ وترعرع بالقرب من نهر دجلة وهو عبرانى غير ناطق بالعربية. فهو أبو الانبياء اسحق ويعقوب ويوسف واحفاده يوسف وموسى وهرون. وهو النبى الوحيد الذى قرن سيدنا محمد صلى الله عليه اسمه باسمه فى الصلاة الابراهيمية. ونزلت السورة المكية رقم 14 فى المصحف الشريف باسمه "سورة ابراهيم" ضمن الانبياء الذين وردت سور باسمائهم هود ويس ومحمد ونوح ويونس ويوسف وطه ...الخ.

المعلوم انه قبل هجرته القسرية من العراق الى مصر دخل فى تأملات فلسفية عميقة مع نفسه، وفى محاورات عميقه مع قومه الذين كانوا يعبدون الكواكب والاصنام، وكذلك فى مساجلة مع الحاكم. أما مع نفسه فيورد القرآن الكريم أنه ذات ليل تأمل الكواكب والنجوم فرأى كوكبا قال هذا ربى، ولكن الكوكب أفل أى غاب، فلم يستسغ ابراهيم الغياب فادرك انه لا يمكن ان يكون إلها، وفى ليلة اخرى رأى القمر بجماله وعلوه وهو يبحث عن الاله الحق، فقال هذا ربى، ولكن القمر ايضا افل اى غاب، فقطع بعدم ألوهية القمر، وأخيرا رأى ما هو أكبر من القمر، رأى الشمس، فقال هذا ربى هذا أكبر مما سبق أن رأيت. فلما أفلت قال إنى برىء مما تشركون، فتوجه الى الى الله العلى القدير.
ثم ان ابراهيم ناجى ربه مناجاة دقيقة قائلا ربى أرنى كيف تحى الموتى، فرد عليه تعالى أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى. الحقيقة انه نبى مؤمن موحد، ولكن العبرة لنا ان نوطن انفسنا على الايمان والتوحيد، وان نجتهد فى ذلك، ولا نركن الى المعتاد دون المحقق. وهذا دأب أهل العلم وذوى الالباب. وقد قال قريب من هذا بعد عدة قرون الحفيد موسى عليه السلام عندما خاطب ربه ".....ربى أرنى أنظر إليك.." فرد عليه الله تعالى ".....لن ترانى ولكن انظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى..."، والحقيقة ان موسى ايضا مؤمن موحد، بل انه قال بعد ان تجلى ربه للجبل أنا أول المؤمنين.

متوجه سيدنا ابراهيم اولا الى ابيه بسؤال ان يا أبى هل تتخذ من الاصنام التى تصنعون آلهة، ثم من بعد ذلك توجه الى قومه بسؤال جوهرى ايضا عندما رآهم يعبدون المنحوتات والاصنام قائلا ما هذه التماثيل التى انتم لها عابدون، ولم تكن لهم من حجة سوى انهم قالوا له وجدنا آبائنا لها عابدين، وهى حجة ما لا حجة عنده، وتفسير عدمى لمسلكهم الاشراكى. ولم يكتف بهذا فاضمر فى نفسه بإن يفعل فى معبوداتهم ما يثبت لهم به انها لا تضر ولا تنفع.

توجه ليلا الى معابدهم التى يحفظون فيها الالهة المزعومة فحطمها بفأس وعلق الفأس على كتف الصنم الاكبر. وعندما أسفر الصبح وجدوا آلهتهم هكذا محطمة، تسآلوا عن الفاعل ولكنهم استدركوا ان الفتى ابراهيم قد ذكرها من قبل موضحا بانها ليست آلهة كما يزعمون. فذهبوا اليه وهم يضمرون له السوء.فسألوه هل قمت بتحطيم هذه الالهة. فقال لهم اسألوا الالهة ان كانت تنطق او تدرك ما حل بها. بل أشار الى كبير الاصنام المعلق بكتفه الفأس. فرجعوا خائبين لا يدرون ما يفعلون.

ثم ان ابراهيم دخل فى محاورة مع الحاكم النمرود الملك الجبار الذى دعاه ابراهيم الى توحيد الله، وذهب ابراهيم يعدد عظمة الخالق لهذا الملك. فقال له ان الله يحى ويميت، فهل يستطيع اى ملك ان يفعل هذا؟ فلم يدرك الملك هذه الحقيقة بالعمق الذى اوردها به ابراهيم، فرد من توهه أنا أحى وأميت، ومثل لذلك بشخصين قتل أحدهما ولم يقتل الاخر. ترك ابراهيم هذه القضية الى أخرى أكثر وضوحا فذكر له ان الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. فبهت الذى كفر ودحضت حجته وأسقط فى يده.

ضاق قوم ابراهيم به وضاقت به العراق، ففكروا فى التخلص منه بالكلية، فهداهم تفكيرهم الى إحراقه بالنار وهذا بالطبع قمة التعبير عن الانتقام وإضمار السوء والاستهجان. فجمعوا الحطب وأوقدوا النار وألقوه فيها من على البعد، فأبطل الله تعالى مفعول النار، فكانت له بردا وسلاما. وهى معجزة كبرى لو كانوا يعقلون.بعد ذلك فكر هو فى الهجرة مع زوجه سارة/ثريا/سرايا التى كانت من أجمل نساء قومها. فكر فى الهجرة الى مصر.