الأربعاء، 14 أغسطس 2019

نبى الله ابراهيم من العراق



نبى الله إبراهيم من العراق
(1)
                                                                                                                 
الحج هو الركن الخامس من اركان الاسلام وهو عبادة وشعيرة زمانية ومكانية فى نفس الوقت، خلافا لبقية الاركان التى منها ما هو عابر للزمان والمكان مثل الشهادة، ومنها ما هو مرتبط بالزمان دون المكان كصوم رمضان ، ومنها ما هو مرتبط بتوقيت محدد أثناء اليوم الواحد مثل الصلاة، ومنها ما هو مرتبط بقدرة مالية ذات علاقة بحولان الحول كالزكاة. أما الحج فهو فله الخاصية الجوهرية هى ارتباطه بشهر ذى الحجة بيوم العاشر منه فى عرفه بمكة المكرمة على بعد بضعة كيلومترات من الكعبة المشرفة
.
والكعبة قد رفع قواعدها ابراهيم مع ابنه اسماعيل وكلاهما نبى، غير انها كمكان مقدس سابقة لابراهيم عليه السلام، ذلك ان الاخير عندما حمل ابنه وزوجته هاجر الى الوادى الذى لا زرع فيه خاطب ربه قائلا "....ربى إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة ....."، قهو على علم بان المكان هو البيت المحرم، وطبعا القرآن الكريم يذكر ان أول بيت وضع للناس للذى ببكة.
والنبى ابراهيم هو من أهل العراق الحالى نشأ وترعرع بالقرب من نهر دجلة وهو عبرانى غير ناطق بالعربية. فهو أبو الانبياء اسحق ويعقوب ويوسف واحفاده يوسف وموسى وهرون. وهو النبى الوحيد الذى قرن سيدنا محمد صلى الله عليه اسمه باسمه فى الصلاة الابراهيمية. ونزلت السورة المكية رقم 14 فى المصحف الشريف باسمه "سورة ابراهيم" ضمن الانبياء الذين وردت سور باسمائهم هود ويس ومحمد ونوح ويونس ويوسف وطه ...الخ.

المعلوم انه قبل هجرته القسرية من العراق الى مصر دخل فى تأملات فلسفية عميقة مع نفسه، وفى محاورات عميقه مع قومه الذين كانوا يعبدون الكواكب والاصنام، وكذلك فى مساجلة مع الحاكم. أما مع نفسه فيورد القرآن الكريم أنه ذات ليل تأمل الكواكب والنجوم فرأى كوكبا قال هذا ربى، ولكن الكوكب أفل أى غاب، فلم يستسغ ابراهيم الغياب فادرك انه لا يمكن ان يكون إلها، وفى ليلة اخرى رأى القمر بجماله وعلوه وهو يبحث عن الاله الحق، فقال هذا ربى، ولكن القمر ايضا افل اى غاب، فقطع بعدم ألوهية القمر، وأخيرا رأى ما هو أكبر من القمر، رأى الشمس، فقال هذا ربى هذا أكبر مما سبق أن رأيت. فلما أفلت قال إنى برىء مما تشركون، فتوجه الى الى الله العلى القدير.
ثم ان ابراهيم ناجى ربه مناجاة دقيقة قائلا ربى أرنى كيف تحى الموتى، فرد عليه تعالى أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى. الحقيقة انه نبى مؤمن موحد، ولكن العبرة لنا ان نوطن انفسنا على الايمان والتوحيد، وان نجتهد فى ذلك، ولا نركن الى المعتاد دون المحقق. وهذا دأب أهل العلم وذوى الالباب. وقد قال قريب من هذا بعد عدة قرون الحفيد موسى عليه السلام عندما خاطب ربه ".....ربى أرنى أنظر إليك.." فرد عليه الله تعالى ".....لن ترانى ولكن انظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى..."، والحقيقة ان موسى ايضا مؤمن موحد، بل انه قال بعد ان تجلى ربه للجبل أنا أول المؤمنين.

متوجه سيدنا ابراهيم اولا الى ابيه بسؤال ان يا أبى هل تتخذ من الاصنام التى تصنعون آلهة، ثم من بعد ذلك توجه الى قومه بسؤال جوهرى ايضا عندما رآهم يعبدون المنحوتات والاصنام قائلا ما هذه التماثيل التى انتم لها عابدون، ولم تكن لهم من حجة سوى انهم قالوا له وجدنا آبائنا لها عابدين، وهى حجة ما لا حجة عنده، وتفسير عدمى لمسلكهم الاشراكى. ولم يكتف بهذا فاضمر فى نفسه بإن يفعل فى معبوداتهم ما يثبت لهم به انها لا تضر ولا تنفع.

توجه ليلا الى معابدهم التى يحفظون فيها الالهة المزعومة فحطمها بفأس وعلق الفأس على كتف الصنم الاكبر. وعندما أسفر الصبح وجدوا آلهتهم هكذا محطمة، تسآلوا عن الفاعل ولكنهم استدركوا ان الفتى ابراهيم قد ذكرها من قبل موضحا بانها ليست آلهة كما يزعمون. فذهبوا اليه وهم يضمرون له السوء.فسألوه هل قمت بتحطيم هذه الالهة. فقال لهم اسألوا الالهة ان كانت تنطق او تدرك ما حل بها. بل أشار الى كبير الاصنام المعلق بكتفه الفأس. فرجعوا خائبين لا يدرون ما يفعلون.

ثم ان ابراهيم دخل فى محاورة مع الحاكم النمرود الملك الجبار الذى دعاه ابراهيم الى توحيد الله، وذهب ابراهيم يعدد عظمة الخالق لهذا الملك. فقال له ان الله يحى ويميت، فهل يستطيع اى ملك ان يفعل هذا؟ فلم يدرك الملك هذه الحقيقة بالعمق الذى اوردها به ابراهيم، فرد من توهه أنا أحى وأميت، ومثل لذلك بشخصين قتل أحدهما ولم يقتل الاخر. ترك ابراهيم هذه القضية الى أخرى أكثر وضوحا فذكر له ان الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. فبهت الذى كفر ودحضت حجته وأسقط فى يده.

ضاق قوم ابراهيم به وضاقت به العراق، ففكروا فى التخلص منه بالكلية، فهداهم تفكيرهم الى إحراقه بالنار وهذا بالطبع قمة التعبير عن الانتقام وإضمار السوء والاستهجان. فجمعوا الحطب وأوقدوا النار وألقوه فيها من على البعد، فأبطل الله تعالى مفعول النار، فكانت له بردا وسلاما. وهى معجزة كبرى لو كانوا يعقلون.بعد ذلك فكر هو فى الهجرة مع زوجه سارة/ثريا/سرايا التى كانت من أجمل نساء قومها. فكر فى الهجرة الى مصر.
                                          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق